CRI Online
الباب الثالث عشر: الطب التقليدي

الطب التقليدي الصيني

تاريخ علم الطب التقليدي الصيني

يتميزعلم الطب التقليدي لقومية هان عن علوم الطب التقليدي للقوميات الصينية الأخرى بأن تاريخه أطول وخبراته التطبيقية ومعارفه النظرية أوفر. ونبع علم الطب التقليدي الصيني من حوض النهر الأصفر الصيني، و تشكلت له منذ القدم منظومة أكاديمية . و برز الكثير من الابداعات و الأطباء المشاهير والمذاهب و المؤلفات الطبية الشهيرة في العهود المختلفة على طوال مسيرة تطور علم الطب التقليدي الصيني .

و سجلت النقوش على العظام و دروع السلأحف في عهد سلالة شانغ الملكية الصينية قبل أكثر من عام 3000 سجلت أكثر من 10 أنواع من الأمراض و مسائل أخرى متعلقة بالصحة و العلاج الطبي . ثم في عهد سلالة تشو الملكية بدأ استخدام النظرة و الملاحظة و التسمع و التشمم و توجيه الأسئلة و جس النبض و مراقبة خفقان القلب وغيرها من طرق التشخيص والأدوية و الوخز بالابروالعمليات الجراحية لعلاج الأمراض

وفي عهدي سلالتي تشين و هان الملكيتين بعد ذلك، برز الى حيز الوجود مؤلف ذو نظريات متكاملة وهو " كتاب الامبراطور الأصفر للطب الداخلي " الذي يعد أقدم كتاب كلاسيكي نظري لعلوم الطب التقليدي الصيني موجود حاليا . و كتاب " رسالة في الحميات " الذي ألفه تشانغ تشونغ جين خصص لبحث طرق التشخيص الجدلية لمختلف الأمراض العديدة و المبادئ العلاجية مما أرسى أساسا لتطورعلم الطب السريري في العهود اللاحقة . وفي عهد سلالة هان الملكية ، كان علم الطب الجراحي قد تطور الى مستوى عال . و طبقا لما ورد في كتاب " تاريخ الدويلات الثلاث " ، كان الطبيب الشهير هوا تو قد استخدم مخدر " ما في سان " للتخدير العام لاجراء العمليات الجراحية المختلفة .

وفي الفترة ما من عهدي سلالتي وي و جين وعهود السلالات الشمالية والجنوبية ( بين عامي 220 – 589 ) الى عهدي سلالتي سوي و تانغ وعهود السلالات الخمس (بين عامي 581 – 960 ) ، حقق التشخيص بجس النبض منجزات بارزة . فتوصل الطبيب الشهير وانغ شو خه في عهد سلالة جين في كتابه الذي يحمل عنوان " بحث عن النبض " الى 24 نوعا من حالات النبض . فأحدث هذا الكتاب تأثيرات عظيمة في علوم الطب التقليدي الصيني حتى انتشرت الى خارج البلاد . وفي هذه الفترة تحقق تدريجيا تبويب و تصنيف اقسام علوم الطب . ففي مجال الوخز بالابر، برز مؤلف علمي شهير عنوانه " بحث عن الوخز بالابر ". أما مؤلفا " باو بو زي " و" تشو خاو فانغ " ، فهما أبرز كتابين عن كمياء استخلاص اكسير الخلود . وفي مجال الصيدلة، برز كتاب " بحث لي قون عن اعداد العقاقيرالطبية "، وفي مجال قسم الطب الجراحي، ظهر كتاب " ليو جيوان زي قوي يي فانغ " . أما كتاب " بحث عن أسباب وأعراض الأمراض "، فهو مؤلف اختصاصي في تحليل الأمراض و تعليلها . و كتاب " لو تسونغ جين "، فهو مؤلف اختصاصي في بحث أمراض الأطفال.، و " كتاب منقح مصور عن الأعشاب الطبية"، فهو أول مرشد للأدوية في العالم ، وكتاب " اينغ هاي جينغ وي"، فهو بحث اختصاصي في دراسة أمراض العين و طرق علاجها .و علاوة على ذلك ، برز في عهد سلالة تانغ، كتابان كبيرا الحجم هما " تشيان جينغ ياو فانغ "بقلم سون سي ماو، و" واي تاي مي ياو "بقلم وانغ تاو. و يبحث الأول في وصفات طبية شعبية وعلاج الأمراض الباطنية والخارجية المختلفة و أمراض النساء والأطفال و الوقاية منها . أما الكتاب الثاني ،فهوكتاب يسجل وجهات نطر علماء الطب في العهود السابقة لعهد سلالة تانغ حول الأمراض المختلفة و الأدوية الشعبية الخاصة بعلاجها

وفي عهد سلالة سونغ الملكية ( أي ما بين عامي 960 – 1279 ) ، طرأت اصلاحات كبيرة على التعليم الطبي وتدريس الوخز بالابر خاصة . ألف وانغ وي يي كتاب " تمثال برونزي لنقاط الوخز " أولا ، ثم صمم و صنع تمثالين برونزيين على نفس حجم الانسان لبيان نقاط الوخز معدين لبدريب الطلبة أثناء الدراسة . وأحدث هذا العمل المبتكر تأثيرات كبيرة على تطور الوخز في العهود اللاحقة . وفي عهد سلالة مينغ الملكية (أي ما بين عامي 1368 – 1279 )، طرح عدد من علماء الطب التفريق بين حمى التيفود و الحميات الأخرى ، ووصلت نظريات الحميات الى مرحلة النضوج في عهد سلالة تشينغ حين برزت مؤلفات اختصاصية حولها مثل كتاب"بحث عن الحميات " .

ابتداء من عهد سلالة مينغ ،وصل علم الطب الغربي الى الصين ، فأخذ عدد من علماء الطب الصينيون يدعون الى " دمج بين الطبين الصيني و الغربي " ، الأمر الذي أصبح فيما بعد تباشير الربط المعاصر بين الطبين الصيني و الغربي .

النظريات الأساسية لعلوم الطب التقليدي الصيني

النظريات الأساسية لعلوم الطب التقليدي الصيني تلخيص نظري لقوانين حركة الحياة في جسم الانسان و تغيرات الأمراض . وانها تشتمل بصفة رئيسية على نظريات حول طاقتي الين واليانغ،والعناصر الخمسة التي هى المعدن والخشب الماء والناروالتراب، واليونتشي، وحالة الأحشاء، و جينغلو،اي القنوات الحيوية الرئيسية والفرعية في الجسم وغيرها،بالاضافة الى مضامين أسباب المرض، ومبادئ حدوثه و تطوره، و طرق علاجه والوقاية منه، وتمييزالأمراض وتصنيفها استنادا الى أنواع العوامل المسببة لها،وتحديد العلاج استنادا الى تحليل الظواهر والدلائل المرضية ، وطرق المحافظة على الصحة وغيرها .

النظرية حول الين و اليانغ هي من مقولات الفلسفات الصينية القديمة. وكان الناس عبرملاحظة الظواهرالمتناقضة ارتقوا بمفهوم التناقضات الى مقولات الين و اليانغ تدريجيا، ثم استخدموا نمو و انحطاط طاقتي الين و اليانغ لتفسير تغيرات حركة الأمور. وهنا يستخدم الطب التقليدي الصيني مفهوم وحدة الضدين وهي العلاقة بين الين و اليانغ لتبيين صلات معقدة بين نصفي الانسان الأعلى والأسفل وبين أجزائه الداخلية و الخارجية وبين حياة جسم الانسان و الظروف الطبيعية والاجتماعية الخارجية . ان التوازن النسبي في العلاقة بين طاقتي الين و اليانغ أي علاقة وحدة الضدين هو الأساس لصون وضمان التحركات الطبيعية لجسم الانسان ، بينما ان اختلال و تخريب هذه العلاقة سيؤدي الى حدوث أمراض في جسم الانسان ، وبالتالي يؤثر على التحركات الطبيعية لجسم الانسان .

النظرية حول اليونتشي هى نظرية بحث واستكشاف تأثيرات التغيرات الفلكية والجوية و المناخية الطبيعية على صحة جسم الانسان وأمراضه . و عبارة اليونتشي مكونة من مقطعين صينيين ، ولكل منهما معان خاصة . ويتضمن المقطع الأول أي "اليون" خمسة معان هى الخشب و النار و التراب و المعدن و الماء تدل على تداول فصول الربيع والصيف وتشانغ شيا ( أي الشهر السادس من السنة القمرية الصينية ) والخريف و الشتاء في الطبيعة . ويعني المقطع الثاني أي"التشي" ستة عناصر مناخية في فصول السنة الأربعة هى الريح و البرد والحرارة و الرطوبة والجفاف والنار . ان النظرية حول اليونتشي عبارة عن قانون تغيرات المناخ السنوية و حدوث الأمراض الذي تم التوصل اليه مسبقا طبقا لبارامتر التقويم الفلكي .

طرق التشخيص المتبعة في الطب التقليدي الصيني

يستخدم الطبيب وظائف حواسه البصر والسمع والشم واللمس و التحادث مع المصاب أو مصدر مطلع على مرضه للأطلاع الشامل على كل المعلومات المتعلقة بالمرض واستيعابها بشكل منتظم تمهيدا لمباشرة العلاج السريري على هداها . وتضم طرق التشخيص النظرة و الملاحظة والسمع والشم و توجيه الأسئلة و جس النبض ومراقبة خفقان القلب . ولكل من طرائق التشخيص الأربع هذه دورفريد لا بديل له, فيجب استخدام هذه الطرائق الأربع معا في الممارسة السريرية .وبذلك فقط يمكن التوصل الى تشخيص صائب للمرض .

طريقة النظرة و الملاحظة

طريقة النظرة والملاحظة طريقة تقوم على أساس نظرية حول الأحشاء والقنوات الحيوية الرئيسية والفرعية في الجسم . ان الأجزاء الخارجية لجسم الانسان ترتبط وثيقا مع الأحشاء الخمسة الصلبة التي هى القلب و الكبد والطحال و الرئتان والكليتان،وكذلك مع الأحشاء الستة الجوفاء التي هى المرارة والمعدة والأمعاء الدقيقة والغليظة والمثانة و"السانجياو" أي التجاويف الثلاثة الداخلية : الجوف الأعلى ، الجوف الأوسط ،الجوف الأسفل . واذا طرأت تغيرات على وظائف أحشاء الجسم الخمسة الصلبة واحشائه الستة الجوفاء ، فانها تنعكس حتما على تغيرات المظاهر والألوان والأوضاع والتحركات في أجزاء الجسم الخارجية .لذا ، فيمكن ادراك تغيرات الأحشاء عبر ملاحظة أعراض الجسم الظاهرية وتعابيرالوظائف والأوضاع لأعضاء الحواس الخمسة ( اي الأذنين ، العينين، الشفتين ، الأنف ،اللسان) .

طريقة السمع والشم

طريقة السمع والشم طريقة يستعين فيها الطبيب بحاستيه أي السمع و الشم لتحديد المرض عبرالاستماع الى الصوت الذي يحدثه المريض وشم الروائح المختلفة التي تفوح من افرازات جسمه.

عبر الاستماع الى الصوت ، يمكن للطبيب كشف تغيرات باثولوجية في أعضاء الجسم المعنية برصد الصوت الصادرمنها وكشف تغيرات في أحشاء الجسم المختلفة عبر تغيرات تطرأ على الأصوات التي تشمل صوت الكلام وصوت التنفس وصوت السعال وصوت الفواق و صوت التجشؤ الخ .

أما الروائح فتقسم الى نوعين يفوحان من مصدرين هما الجسم المصاب والتجويف المريض . وروائح الجسم المصاب روائح فاسدة تنجم بصفة رئيسية عن دخول المؤثرات الخبيثة الخارجية الىالأحشاء و الطاقة الحيوية و الدماء وسوائل ألجسم، ثم تخرج الى خارج الجسم عبر فتحاته وافرازاته ، أما روائح التجويف المريض فتنتشر من الجسم المصاب وافرازاته .

طريقة توجيه الأسئلة

هى طريقة يستعين بها الطبيب عن طريق الحوار مع مريض أو مصدر مطلع للاستفسار عن ظروف اصابة المرض و تطوراته وأعراضه الحاضرة و مسيرة علاجه . والهدف الرئيسي من هذه الطريقة هو كشف حالات مرضية صعب كشفها موضوعيا،وكشف معلومات حول الحالات المرضية تساعد على التشخيص او تقديم المزيد من خيوط الفحص في حالة قلة أو عدم وضوح أعراض المصاب الظاهرية، بالاضافة الى استيعاب شامل لجميع الأحوال المتعلقة بالمرض بمافيها ظروف حياة المريض اليومية وبيئة عمله وهواياته في المأكولات وأوضاعه الزوجية .

طريقة جس النبض و مراقبة خفقان القلب

هى طريقة يلجأ اليها الطبيب باستخدام يده للمس و ضغط جسم المريض.

وتضم هذه الطريقة جزئين هما جس النبض و ضغط الجسم . و يرمي جس النبض عبر التحسس لمعرفة تغيرات حالات النبض ومن ثم تحديد التغيرات الباثولوجية داخل الجسم ، بينما يهدف الضغط على بعض أجزاء جسمه .


1 2 3 4 5 6