CRI Online
الباب الثالث عشر: الطب التقليدي

العقاقير التقليدية الصينية

العقاقير التقليدية الصينية

العقاقير التقليدية الصينية مواد علاجية يستخدمها الطب التقليدي الصيني للوقاية من الأمراض و تشخيصها وعلآجها ، وتأتي مصادرها بصفة رئيسية من عقاقير طبيعية وتضم عقاقير نباتية و حيوانية و معدنية، اضافة الى عدد من العقاقير الكيماوية والبيولوجية المصنعة . ويرجع تاريخ ابتكار و استخدام العقاقير التقليدية الصينية في البلاد الى ما قبل عدة آلاف سنة . ولكن عبارة العقاقير التقليدية الصينية بدأ الناس يتداولونها في وقت متأخر نسبيا ، فلم يعم استخدامها الا بعد انتشار علوم الطب الغربي الى الصين ، وذلك للتمييز بين العقاقير الصينية والغربية .

نبذة عن تاريخ العقاقير التقليدية الصينية

تنتشر في تاريخ الصين حكاية تذكر " ان شين نونغ كان يتذوق مائة نوع من الأعشاب ......، فتسمم 70 مرة في يوم واحد ." الأمر الذي يعكس المسيرة المريرة التي قطعها الشعب الكادح الصيني في العهود القديمة في نضالاته ضد الطبيعة و الأمراض ومن أجل اكتشاف المواد العلاجية و جمع الخبرات . انها صورة حية عن واقع نشوء العقاقير التقليدية الصينيية من حيث الانتاج والعمل .

في عهود سلالات شيا و شانغ و تشو الملكية ( خلال الفترة ما بين أواخر القرن 22 و عام 256 قبل الميلاد ) ، ظهر بالصين خمر دواء و مستحلب عقاقيري ، وفي عهد سلالة تشو الغربية ( اي ما يتراوح بين القرن 11 و عام 771 قبل الميلاد ) ، ظهر أقدم كتاب صيني يحمل عنوان " كتاب الأغاني " سجلت فيه مواد علاجية ، وهذا الكتاب هو مما يحفظ حتى الآن من الوثائق التاريخية .وقد طرح "كتاب الامبراطور الأصفر للطب الداخلي " أقدم ما يتبقى حتى اليوم من المراجع النظرية للطب التقليدي الصيني نظرية " تدفئة المصاب بالبرد وتبريد المصاب بالحرارة " وغيرها ،الأمرالذي أرسى أساسا للنظريات حول العقاقير التقليدية الصينية .

" كتاب شين نونغ للأعشاب الطبية " أقدم ما يحفظ حتى الآن من بحث صيدلي تخصصي تم تأليفه في عهدي سلالتي تشين وهان ( أي ما بين عامي 221 و 220 قبل الميلاد ) على أساس جمع وتلخيص المعلومات الصيدلية الغنية المجموعة من قبل علماء الطب العديدين قبل و بعد عهد سلالة تشين ، وسجلت فيه 365 نوعا من العقاقير تستخدم في العلاج السريري حتى يومنا هذا . و بروز هذا اكتاب الى حيز الوجود دليل على ثبوت مبدئي لعلوم الصيدلة التقليدية الصينية رسميا.

وفي عهد سلالة تانغ ( من عام 618 الى عام 907 الميلادي ) ، دفع ازدهاره الاقتصادي تطور علوم الصيدلة التقيدية الصينية الى الأمام ، وبرعاية حكومة سلالة تانغ الملكية، تم تأليف " كتاب تانغ للأعشاب الطبية " - أول دستور عقاقيري من نوعه في العالم . وسجل الكتاب 850 نوعا من العقاقير مع الصور البيانية لها ، الأمر الذي استكمل باستفاضة علوم الصيدلة التقليدية الصينية من حيث الحجم و التشكيلة .

والى عهد سلالة مينغ ( من عام 1368 الى عام 1644 الميلادي ) ، أنجز الصيدلي لي شي تشين ، بعد أن أمضى 27 عاما ، تأليف كتاب عظيم عن ألعقاقير التقليدية الصينية وهو " الخلاصة الوافية في العقاقير الشافية " ، ويسجل الكتاب 1892 نوعا من العقاقير،فيعد أعظم موسوعة في تاريخ الأعشاب الطبية الصينية .

بعد قيام جمهورية الصين الشعبية عام1949 أجريت أبحاث واسعة النطاق متعلقة بالعقاقير التقليدية الصينية في مجالات عديدة مثل علم النباتات وعلم التقييم والتصنيف وعلم الكمياء وعلم الصيدلة وعلم الطب السريري مما قدم أساسا علميا لتحديد مصادر المواد العلاجية والتمييز بين الأعشاب الطبية الحقة والزائفة وتوضيح فعالياتها العلاجية . وعلى أساس الفحص الشامل لمصادر المواد العلاجية في عموم البلاد ، تم تأليف "سجلات العقاقير التقليدية الصينية " الوطنية والمحلية عام 1961 . ومع طبع واصدار "القاموس الكبير للعقاقير التقليدية الصينية "عام 1977 ،بلغ عدد هذه العقاقير المسجلة في مثل هذه الكتب الكلاسيكية 5767 نوعا منها . وذلك في الوقت الذي ظهرفيه الى حيز الوجود مختلف المراجع والبحوث العلمية و الصحف والمجلات الخاصة بالعقاقير الصينية ،وأقيم مختلف هيئات الأبحاث العلمية و التدريس والأنتاج للعقاقير الصينية تباعا في العديد من مناطق الصين .

مصادر العقاقير الصينية

الصين بلد مترامي الأطراف ومعقد التضاريس ومتنوع المناخ ، الأمرالذي شكل البيئة الأحيائية المتباينة و هيأ الظروف المواتية لنمو شتى الأعشاب الطبية . و حتى الوقت الحالي لقد طورت الصين أكثر من 8000 نوع من العقاقير الصينية ،وأكثر من 600 نوع منها أصبحت عقاقير متداولة يوميا . وتتصدر الصين دول العالم في تطوير واستخدام العقاقير الصينية من حيث كثرة أنواعها وحجمها . و تسد هذه العقاقير حاجة البلاد الداخلية، كما تصدر الى أكثر من 80 دولة و منطقة لما تتمتع به من سمعة دولية.

استخدام العقاقير الصينية

ان العقاقير الصينية لها تاريخ استخدام قديم ، كما لها دور كبير في تكاثر و ازدهار الأمة الصينية . وتظل حتى اليوم تتحلى بمكانة هامة في العلاج الطبي والرعاية الصحية للناس . و تجسد النظريات حول العقاقير التقليدية الصينية و تجارب تطبيقها خصائص الثقافة الصينية . و يرجع معظم العقاقير الصينية الى مواد علاجية طبيعية قليلة تأثيراتها الجانبية الضارة .، ويمكن لوصفة طبية واحدة ذات عناصر عديدة أن تستخدم في علاج أنواع عديدة من الأمراض ، وغالبا ما تتخذ العقاقير الصينية في استخدامها شكل الوصفات المركبة، فيمكنها عبر التناسق المعقول في تركيب عناصر الوصفات أن تتكيف مع الحالات المرضية المعقدة من جهة ، وأن ترفع فعالية العقاقير و تخفض تأثيراتها الجانبية السامة من جهة أخرى .

ان استخدام العقاقير الصينية يعتمد على نظريات علوم الطب التقليدي الصيني , و يستند الى الجدوى العلاجية الناتجة عن تأثيرات العقاقير في جسم الانسان علما بأن هذه التأثيرات تحددها خواص العقاقير التي تتمثل رئيسيا في البرودة و الحرارة و الدفء والبرودة المعتدلة و الأذواق الخمسة أي المرارة ,الحلاوة و الحراقة و الملوحة وفعاليات الصعود والنزول و العوم والغوص وفعالية الغويجين وفعالية السمية . و من أجل الاستخدام الفعال والآمن ، يجب استيعاب المعارف الأساسية للعقاقير الصينية في التناسق والنواهي و الكمية و طرق التناول وتركيب الوصفات . ان التناسق يعني تركيب أكثر من نوع واحد من العقاقير المختارة للاستخدام حسب اختلاف حاجات الحالات المرضية واختلاف خواص العقاقير ، وتشمل النواهي نواهي التناسق و نواهي الحمل ونواهي الطعام ونواهي الأعراض المرضية ،و تقصد بالكمية كمية العقاقير المستخدمة سريريا ،وكمية العقاقيرالمركبة والمنفردة للبالغ ليوم واحد ، والكميات المتناسبة بين المواد العلاجية المختلفة الواردة في الوصفات الطبية .

تطورات العقاقير الصيني

ان الاتجاهات الرئيسية لأبحاث العقاقير الصينية المستقبلية هى تعزيز أبحاث انتقاء وتربية البذور الممتازة للأعشاب الطبية مثل تربية البذور بواسطة اشعاع النظائر والهندسة البيولوجية مع الحفاظ على خبرات الانتاج التقليدي للعقاقير الطبية الصينية ، تعزيز استنبات عقاقير طبية برية مطلوبة كمياتها بكثرة في تصنيع العقاقير الجاهزة مثل عرق السوس والهربون والحلبلاب وأيضا أكثر من عشرين نوعا من العقاقير الطبية الخام المستوردة ، وخاصة تعزيز أبحاث الوقاية من تدهور جودة البذور ، وتعزيز أعمال التحقيق والتطوير لمصادر جديدة .


1 2 3 4 5 6