CRI Online

أزقة بكين القديمة-هوتونغ

cri       (GMT+08:00) 2017-07-26 09:37:18

الزقاق، أو ما يسمى بالصينية هوتونغ، حارة في المدينة، وأزقة بكين واحدة من أكثر ملامح المدينة تميزا. العاصمة الصينية بها آلاف من الأزقة، العديد منها بني في المنطقة المحيطة بالمدينة المحرمة خلال فترات أسرات يوان (1279-1368)، مينغ (1368-1644) وتشينغ (1644-1911).

خلال فترة ازدهار الأسرات الملكية في الصين كان الأباطرة يخططون المدن وينظمون المناطق السكنية وفقا لأنظمة المعاملات لأسرة تشو (10277-777ق م). في قلب الحاضرة تكون المدينة المحرمة، محاطة في دوائر مركزية بالمدينة الداخلية والمدينة الخارجية. كان المواطنون ذوي المكانة الاجتماعية العالية يسمح لهم بالإقامة على مقربة من مراكز الدوائر.

كانت الأزقة الأرستقراطية لتلك الأيام تقع شرقي وغربي القصر الإمبراطوري. كانت الحارات مرتبة على جانبيها بيوت فسيحة وحدائق مسورة.

مع الابتعاد عن القصر إلى جنوبه وشماله كانت أزقة العامة من الناس، حيث يقيم ويعمل التجار والفنانون الحرفيون والعمال.

البيوت التي تصطف على جانبي الهوتونغ، سواء كانت فسيحة أو متواضعة كانت تسمى عادة سيخهيوان، أي الدار الرباعية، وهي عبارة عن مجمع سكني يتكون من بنايات تحيط بفناء. إن الدار الرباعية هي دار مغلقة تتكون من اربعة منازل تتوزع بشكل متناظر وعلى ـربع جهات، الشرق والغرب والجنوب والشمال، وهى أهم المباني في الأزقة، ومنازل شعبية تقليدية منذ زمن بعيد في مدينة بكين، والأزقة أو "هوتونغ"، هي في الحقيقة ممرات بين هذه الديار الرباعية، ويعتبر قضاء ليلة واحدة في مثل هذه الدار فرصة رائعة للتمتع بميزات هذه الأزقة.

كانت سيخهيوان الكبيرة للمسئولين الكبار والتجار الأثرياء تكون غالبا مزينة بالنحت وذات أفاريز سقف ملونة وأعمدة وحديقة جميلة. سيخهيوان عامة الناس كانت أصغر من حيث الحجم وأكثر بساطة في زخارفها وديكوراتها.

والواقع أن هوتونغ عبارة عن ممر تكون من خلال إنشاء العديد من سيخهيوان بأحجام مختلفة، كلها مرتبة بالقرب من بعضها. وتقريبا كل الدور الرباعية يكون لها بناياتها الرئيسية وبوابات تواجه الجنوب من أجل إضاءة أفضل، ومن ثم فإن الغالبية من الأزقة تمتد من الشرق إلى الغربي. بين الأزقة الرئيسية العديد من الحارات الصغيرة تمتد إلى الشمال والجنوب كممرات.

مع بداية القرن العشرين تفككت أسرة تشينغ، وظهر الأثر الأجنبي كبيرا في حياة الناس وانتهي تاريخ الصين الإمبراطوري. الترتيب التقليدي للهوتونغ تأثر هو الآخر. بني العديد من الأزقة كيفما اتفق دون خطة واضحة، وبدأت تظهر في ضواحي المدينة القديمة، بينما فقدت الأزقة القديمة مظهرها المحكم. كما أن الرضا الاجتماعي بالمسكن بدأ يتبخر، مما عكس انهيار النظام الإقطاعي.

خلال فترة جمهورية الصين (1911-1948) لم يكن المجتمع مستقرا، مع وجود الحرب الأهلية وتكرار الغزو الأجنبي. تدهورت مدينة بكين وساءت ظروف الأزقة. كانت سيخهيوان في السابق تسكنها أسرة واحدة ولكنها قسمت ليتقاسم الإقامة فيها عدد من العائلات.

التسعمائة وثمان وسبعون هوتونغ المدرجة في سجلات أسرة يوان زادت إلى 1330 عام 1949، مع وجود خمسة آلاف حارة صغيرة امتدت بطرق غير قانونية بين الأزقة القانونية.

في عشرات السنين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، اختفت العديد من الأزقة القديمة لتحل محلها بنايات عالية. وترك العديد من السكان الحارات التي عاشت فيها عائلاتهم لأجيال، حيث أعيد توطينهم في بنايات من شقق سكنية ذات مرافق حديثة. في حي شيتشنغ فقط اختفى 200هوتونغ من بين 820 هوتونغ كانت موجودة عام 1949. ووفقا لما تقول لجنة بكين للبناء سيتم خلال عام 2004 إزالة بيوت قديمة على مساحة 250 ألف متر مربع، 20 ألف مسكن، وهوما يعني أن المزيد من الأزقة سوف يختفي.

غير أن العديد من أزقة بكين القديمة مازالت قائمة وعدد منها تم تحديده مناطق محمية. التجمعات السكنية التي مازالت قائمة إلى اليوم تعطي لمحة من حياة العاصمة مثلما كانت عبر أجيال.

لأزقة بكين القديمة أهمية خاصة وموقع بارز في التاريخ الثقافي الزاهر لمدينة بكين. وزيارتها أمر ضروري لكل من يزور بكين للتعرف على بكين الأمس العتيد.

وبزيارة أزقة بكين (الهوتونغ) يمكن للمرء أن يشعر بالتغير الكبير الذى طرأ على المدينة ويشعر بالوقت نفسه بتقاليدها الرائعة.

وجاءت تسميتها من كلمة (هوتونغ) التي تعني البئر باللغة المنغولية، حيث كان السكان يحفرون الابار للتزود بالماء .

وفى الحقيقة إن أزقة بكين القديمة يتراوح عرضها بين متر و 10 أمتار، وأطولها يمتد لأكثر من 20 منعطفا .

وأثناء التجول في أزقة بكين، يمكنكم معرفة تاريخ المدينة ووضعها الحالي بشكل مباشر والتمتع عن كثب بالحياة الواقعية للصينيين.

ولهذا السبب، يعتقد البعض أنه لا يمكن معرفة بكين إلا بعد دخول أزقتها، وإنه لافائدة من زيارة بكين دون التجول في أزقتها .

وتستغل الوكالات السياحية في بكين هذه الأزقة المتميزة لأهميتها وتدفع برامج السياحة فيها بمختلف الأنواع. وعادة ما يركب السياح عربات ذات ثلاث عجلات، لأن ذلك يساعدهم على الاحساس بحياة بكين القديمة، ويتم اختيار عدة أزقة متميزة يعود تاريخها إلى ما قبل مائتي أو ثلاثمائة سنة، وتحافظ على شكلها الأصلي بشكل كامل نسبيا. ويقوم المرشدون السياحيون باصطحاب الزوار والسياح للتجول في هذه الأزقة ويشرحون لهم تاريخ وخصائص أزقة بكين ودورها الرباعية، ثم يدخلونهم إلى البيوت الشعبية لمعايشة ورؤية حياة البكينيين العاديين هناك.

اذا زرتم بكين فلاتنسوا زيارة أزقتها القديمة ففيها ستشعرون بروعة الماضي وألق الحاضر وآفاق المستقبل. وبلا شك ستشعرون بشىء لا يمكن نسيانه أبدا في هذه العاصمة العريقة.

لطالما افتخر البكينيون بأن مدينتهم كانت موطنا لكثير من مجتمعات الـ" هوتونغ" أو الأزقة ويشبهون ذلك : "بوفرة الشعر على جسد الثور".

وبدأت حكومة بلدية بكين تدريجيا تبدي رأيا مختلف في الـ "هوتونغ"، فهي في الوقت الحالي تقوم بالعديد من المشروعات لإعادة بناء وتجديد المنازل التاريخية بدلا من هدمها.

ويجري تناول قضايا السكان في كثير من المجالات التاريخية. ووفقا للخطة من 2016 حتى 2020، فإن حي دونغتشنغ وحي شيتشنغ سيعملان على إعادة نقل السكان واستعادة أكثر من 80 موقع أثري.

الأزقة، وبمعنى أكثر دقة ما بقي منها، تحولت بعد التعديل، إلى رمز وإلى واجهة ثقافية للمدينة ولأثريائها، وأضحى امتلاك دار رباعية دليلا على الذوق الثقافي للفرد، ويتسابق عشاق التراث والماضي إلى اقتناء الدور الرباعية التي ارتفع سعرها إلى عنان السماء. وأصبح مشهدا مألوفا في بكين أن ترى سيارة فارهة تزحم الزقاق الضيق واقفة أمام دار رباعية، تحولت من الداخل إلى ما يشبه القصر أو المتحف، بمرافق كاملة وأثاث فاخر. إنها حالة من النستالوجيا، الاجتماعية والثقافية، وموضة جديدة في عالم أثرياء بكين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي