CRI Online

مؤتمر الثقة وشبكة المصالح الآسيوية

cri       (GMT+08:00) 2014-05-20 14:52:16


مروان سوداح*





استمزجني القسم العربي لإذاعة الصين الدولية، عن طريق الاستاذة فيحاء الصينية، في كتابة مقالة والإدلاء بتصريح للإذاعة بشأن القمة الرابعة لأعمال مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، الذي سيترأسه في بيجين، خلال الفترة ما بين 20 و21 من آيار الجاري، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني الحليف ورئيس جمهورية الصين الشعبية، الرفيق شي جينبينغ.

طبعاً، وافقت بكل سرور على كتابة المقالة والإدلاء بتصريح للاذاعة الصينية الحبيبة التي غدت "منذ عصورٍ" أهلي وعائلتي وموقعي الطبيعي. وفي المؤتمر، وكمتابع قديم للشأن الصيني، أرى بأن أهميته تنبع من رئاسة رئيس الدولة الصينية له. فهذه الرئاسة تؤكد أن الصين تولي أهداف المؤتمر إهتماماً فائقاً، بخاصة في ظروف آسيا المعاصرة، والأوضاع الصينية، سيّما وأن الدولة الصينية دولة آسيوية عريقة بإمتياز. لذا، ستكون آسيا كلها محور هدف وفعاليات المؤتمر ومراميه وقراراته خلال السنوات المقبلة، من خلال عاصمة العالم الحر.. بيجين. أضف الى ذلك، أن آسيا غدت منذ أكثر من عقد من الزمن، من شرقها الى أقصى غربها، مسرحاً واسعاً لصراعات عنيفة بين قطبين دوليين متناقضين، أحدهما تحرري، والآخر استعماري متجدد القسمات. وبفِعل الاستعمار الجديد تحوّلت آسيا إلى حقل تجارب للإرهاب الدولي ومنظماته والدول الاجنبية الراعية له مالياً وإعلامياً ودبلوماسياً وسياسياً ولوجستياً. لكن القطب الاستعماري بات يتراجع بسرعةٍ، ويئنُ بفِعل ضربات حركات التحرر والاستقلالية، وصارَ طرد المُحتل والمُتدخِّل الأجنبي في الشؤون الداخلية لآسيا تقليعة وطنية للقطب الشعبي الجماهيري. إذ أن تلقين الاستعمار الجديد بلونه وآلياته وطبيعته التنفيذية دروساً لن تنسى، غدت أعياداً قارية تجمع شعوب آسيا وتوحّدها وتدفعها الى إنجاز تقدّم حتمي في الوعي الاجتماعي والإدراك السياسي، ويَفرض عليها أن تلتزم بمصالحها.

متابعاتي لشؤون المؤتمر، أفضت الى خُلاصة، بأن الصين ستعمل على الأغلب، من خلال المؤتمر، على إرساء فكرة إقامة "شبكة مصالح مشتركة"، مادية ومعنوية، بين الدول المشاركة، رغبة منها بتطوير العلاقات بين جميعها على نحو نوعي، والارتقاء بها بين مجموعات الدول على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، مما سيُمهّد الى توسيع التعاون القاري ليشمل دول آسيا برمتها، ولضمان إستمرار العمل في الإتجاه الآسيوي المطلوب بلا إنحراف في بوصلته، كنواة لعمل مشابه قريب على نطاقات دولية. وفي هذا المؤتمر الذي سيترأسه الرئيس "شي"، وهو فاعلية تنظيمية راقية خاصة بآسيا الكبيرة، وسيعقد في مدينة شانغهاي الساحلية، سيتنادى المشاركون فيه إلى وضع وتفعيل آليات آسيوية بألوان آسيوية مشتركة في مسار العلاقات بين دول القارة، ولإقرار أهداف سامية تُطبّق من خلال العمل الجمعي للدول المشاركة، وهي التي تحمل مسؤولية مصائر شعوبها. ومن أهم الأهداف المنشودة للدورة الرابعة للمؤتمر: تعزيز الأمن والاستقرار في آسيا؛ ومكافحة الإرهاب الجديد، وهو شكل متجدّد وغير تقليدي من أشكال الاستعمار العالمي، يُنفّذ الوصاية من خلال توظيف وفبركة قاعدة أممية لإرهابيين دوليين؛ ولبناء آسيا جديدة ومستقرة ومتحررة سياسياً واقتصادياً؛ ولإعتماد الحوار العالمي، ونبذ العنف والتهديد في العلاقات الدولية والنزاعات الكونية؛ ولتأسيس ندية ومساواة في العلاقات بين الدول.

وفي تصريحات نائب وزير الخارجية الصيني، تشنغ قوا بينغ، عن المؤتمر المذكور، نقرأ أن 46دولة ومنظمة دولية أكدت مشاركة قادتها أو ممثليها في القمة. ومن بين المشاركين 11 من رؤساء الدول، تم دعوتهم من جانب الرئيس شي جينبينغ، منهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ ورئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف؛ ورئيس قرغيزستان الماظ بك أتامبايي؛ والرئيس الايراني حسن روحاني؛ وإثنان من رؤساء الحكومات بينهم، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إضافة إلى مسؤولين رفيعي المستوى من المنظمات الدولية، علماً بأن عدد أعضاء المؤتمر بلغ24 عضواً، و13 دولة ومنظمة مراقِبة. وجدير بالذكر، إلى أن رئيس جمهورية كازاخستان، نور سلطان نزارباييف، كان أعلن لأول مرة فكرة إنشاء "مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا"، خلال الدورة الـ47 للجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الأول أكتوبر عام 1992، بهدف تعزيز التعاون لضمان السلام والأمن والاستقرار في آسيا. ومن المفيد هنا عرض مدى تمثيل المؤتمر وبالتالي قوة تأثيره على آسيا والعالم باعتباره منصة مهمة متعددة الأطراف لبحث القضايا الأمنية في القارة. فالمؤتمر يتمتع بتمثيل واسع، إذ تشغل الدول الاعضاء فيه نسبة 90 بالمئة من مساحة أوراسيا، تُمثّل نسبة 50 بالمئة من إجمالي سكان البسيطة. وتنضح الآلية الداخلية للمؤتمر بتطور تنظيمي وسياسي متواصل، يؤكد فاعليته وضرورته وتلاقيه مع مصالح دول آسيا وشعوبها، بخاصة الأمنية منها وتبادل خبرات مكافحة الارهاب وتجفيف منابعه وصولاً الى استقرار القارة نهائياً.

ويبدو، أن موضوعة الأمن الاقليمي والقاري هي الهاجس الاول للمشاركين، وتتصل بها موضوعات الأوضاع الأمنية على إتساعها في آسيا، وإجراءات دفع الحوار والثقة والتعاون، وسيشهد المؤتمر خطاباً للرئيس الصيني شي جينبينغ، يَطرح خلاله رؤية القيادة الصينية تجاه الأوضاع الأمنية في آسيا، ويُعلن عن مبادرة صينية هادفة الى تعزيز الحوار والتعاون الأمني في القارة وبين شعوبها، والإجراءات الرئيسية التي ستتخذها الصين خلال فترة توليها لرئاسة المؤتمر العتيد.

انعقاد المؤتمر في شنغهاي، عاصمة الصناعة وحركة الانفتاح الإصلاح الصينية الشهيرة التي دفعت بالصين الى مكانة أُولى بين دول الارض، سيَعرض على المشاركين خبرات الصين في التنمية المستقلة ذات الالوان الصينية، والتي تستند الى حركة الاصلاح والانفتاح نفسهان التي بدأت في المناطق الساحلية بشرقي الصين، للاستفادة من تلك الخبرات في الواقعين الإقليمي والقاري . فشنغهاي هي العاصمة الاقتصادية للصين، والأكثر تطوراً في الدولة، والأشهر في المعمورة، ومِثالَها لا بد وأن يُحتذى.

*صحفي اردني وكاتب، ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي