CRI Online

تاجر عربي وحلمه ل"طريق الحرير البحري"

cri       (GMT+08:00) 2014-12-30 14:55:49


في الساعة الثالثة بعد ظهر هذا الشتاء البارد، ازدحمت المشريات في سوق الملابس بيع بالجملة بمدينة شيشي، يختارون البضائع المرضية. من بين هؤلاء الناس، جذب التاجر العربي مصطفى أنظار الناس. مصطفى، الشاب الاماراتي، يتمتع بطول القامة ووسامة الوجه ، جاء إلى الصين منذ عام 2005، حاملا معه حلم الثروة . في البداية، مارس مصطفى بالتجارة في مقاطعة قوانغدونغ، ثم انتقل إلى مدينة شيشي بمقاطعة فوجيان بعد سنة بسبب عدم تكيفه مع الظروف هناك، ولم يكن يتوقع أن يبقى لمدة 8 سنوات متواصلة. عند الحديث عن إنطباعه حول مدينة شيشي، يقول:

"مدينة شيشي ملائمة جدا للإقتصاد والتجارة. هنا السوق كبيرة، والخدمات اللوجستية سهلة، كما أن المدينة آمنة جدا وأهلها متسامحون، الطقس جميل أيضا، لذا أنا أحب هذا المكان."

تقع مدينة شيشي في الضفة الجنوبية لخليج تشوانتشو ببحر الصين الجنوبي، وتعد منطقة لابد من العبور بها عند الخروج من موانيئ خليج تشوانتشو إلى البحر، والذي يعتبر نقطة بداية طريق الحرير البحري. وفي الوقت الحالي، لا تزال هذه المنطقة تجمعا للتجار ومركزا للبضائع. وتعتمد شيشي على سلسلة متكاملة من الخدمات والصناعة، ومنظومة سوق متكاملة، ومنشآت ومرافق متكاملة، وتحتل مكانة مهمة داخل تجارة الملابس العالمية. وتشتهر المدينة بإسم "ميلان الشرق"، وتجذب إليها العديد من التجار الأجانب المشترين للملابس، من بينهم الكثير من التجار العرب.

سوق الملابس بشيشي تعد أكبر سوق ملابس مختصة في آسيا، وتعد مركزا لتجارة الملابس الدولية في الصين. في هذا السياق، يقول مدير مكتب إدارة مدينة الملابس بشيشي، تشيو يوي تشن:

"شيشي تمتلك سلسلة متكاملة في صناعة النسيج والملابس، حيث تمتلك سوق للأقمشة، وسوق للكماليات، ومصانع للصباغة، وتحقق مدينة الملابس العالمية سنويا صفقات بـ 20 مليار يوان، ويأتيها من 20 ألف الى 40 ألف تاجر يوميا. يأتي التجار العرب أساسا لشراء ملابس الرجال والأطفال، ويوجد هنا من 200 إلى 300 شركة عربية مسجلة سنويا."

اختار مصطفى بعض الاقمصة للرجال في المحل التجاري "شين يا " بسوق الملابس شيشي . يرى مصطفى، أن ملابس الرجال بشيشي متعددة التصاميم والأصناف، وتتميز بأسعارها التنافسية، وهي تحظى بإقبال كبير في دبي.حيث قال مصطفى:

"السلع الصينية تتميز بتنافسية قوية داخل السوق، وتباع بكميات جيدة في دبي، ولا يحبها العرب فحسب، بل كذلك الهنود والباكستانيون وغيرهم من الذين يعيشون في دبي."

في هذا السياق، قالت رئيسة المحل التجاري "شين يا "، تساي لينا، أن مصطفى يعد أحد زبائنه الرئيسيين، وقد عرفت مصطفى منذ عدة سنوات، وحافظا على التبادلات التجارية فيما بينهما. ترى تساي لينا، أن مصطفى تاجر حكيم، وصادق وأهل للثقة. وتضيف،

"نحن نتعاون منذ 5 سنوات، ويطلب سنويا كميات كبيرة جدا. إنه يمارس التجارة بواقعية وصدق، ويسدد ماعليه في الوقت المحدد. نحن نتعاون منذ وقت طويل، ونحن الآن أصدقاء أيضا. "

يملك مصطفى شركة تجارية خاصة في مدينة شيشي، ويملك في دبي محلّين تجاريين ويمارس تجارة التحويل، ويبيع سلعه لدول غرب آسيا ومختلف دول جنوب آسيا، لذلك عليه يوميا أن يعالج كمّا هائلا من الرسائل الإلكترونية، ويستقبل الزبائن، ويتفاوض في الأعمال، ويختار السلع ويرسلها.....منذ سنوات طويلة، ظل مصطفى يحقق نجاحات مستمرة في أعماله التجارية، حيث يرسل قرابة 600 حاوية تجارية سنويا من ملابس الرجال والأطفال إلى دبي. لكن، بصفته تاجر حكيم، لم يكتف مصطفى بهذا فحسب.

قبل سنتين، إفتتح مصطفى في أكثر المناطق إزدهارا بمدينة شيشي مطعما عربيا، وقام بتوظيف طباخين من مصر وإيران والهند برواتب عالية، لإعداد أطباق شرق أوسطية أصلية، وتوفير الخدمات المطعمية للتجار العرب القادمين إلى مدينة شيشي.

في الساعة الخامسة مساءا، عاد مصطفى إلى مطعمه مباشرة من سوق الملابس، يستقبل الضيوف و يسجل الحساب . قال مصطفى، رغم أن أعمال المطعم، قد جعلته مشغولا ومتعبا أكثر، لكنه يتعرف على المزيد من الأصدقاء، وحصل على المزيد من السعادة.

"أطمح لأن أقدم أفضل أطباق الشرق الأوسط في مدينة شيشي، أن أقدم أجمل الأطباق، أفضل الخدمات، أفضل البيئات للأجانب في شيشي، حيث يمكنهم تذوق أطباق بلدانهم، ويتجمعون معا على النرجيلة ويتحدثون فيما بينهم، وهذه السعادة لايمكن أن نقيسها بالمال."

غربت الشمس، جاء وقت صلاة المغرب. أصدرت الساعة الالكترونية في المطعم صوت الأذان . قال مصطفى، أن في مدينة شيشي لا توجد مسجد، هذا يشعره بعدم الراحة.

" مدينة شيشي ليست فيها مسجد، لذلك أنشأ غرفة خاصة للصلاة في مطعمي، لتيسير الصلاة لأصدقائي وزبائني. لكن في الجمعة سنسافر إلى مسجد مدينة جين جانغ وهو يقع بضعة عشر كيلومتر بعيدا عن شيشي. أعتقد شيشي هو بداية لطريق الحرير البحري، آمل أن ينشأ المسجد هنا يوما ما. "

حال الظلام، وازدحم المطعم شيئا فشيئا، وجلس مصطفى للاستراحة، بينما تحدث عن مخططه المستقبلي. حيث قائلا:

"أستعد لإفتتاح فندق من فئة النجوم في العام المقبل، وأصممه على الطراز المعماري الإسلامي، وأعتمد فيه أفضل المواد، وأقدم بيئة مريحة. هناك الكثير من التجار العرب الذين يترددون على شيشي سنويا، وآمل أن أوفر لهم مقاما طيبا هنا."

 خلال 8 سنوات، تحول مصطفى من مجرد شاب قدم إلى الصين إلى تاجر ناجح يمتلك محلات لبيع الملابس، وشركة تجارية، ومطعم وفندق، وهو نفسه لا يخفي، بأن مدينة شيشي حققت له الكثير من الأحلام وأعطته الكثير من الفرص.

وفي هذا السياق، قال رئيس مكتب التجارة الخارجية والتعاون الإقتصادي بمدينة شيشي يانغ سي إن، إن عدد التجار العرب في مدينة شيشي يصل إلى أكثر من 10 آلاف تاجر. يمارس أغلبهم التجارة الدولية في منتجات النسيج، الشاي، والمنتجات الحرفية. ويعتبرون بمثابة الشاهدين والمشاركين في بناء طريق الحرير البحري الجديد

"هناك العديد من التجار العرب مقيمين في مدينة شيشي، ونحن نأمل في توسع قيمة التجارة الصينية العربية، وجمع المعلومات التجارية، وتعزيز التبادل البشري، وتحقيق تنتمية أفضل، من خلال بناء طريق الحرير الجديد".

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي